تصوير حسين بيضون د.إبراهيم حلاوي بدأ المجتمع بالتّفكّك، وانكمش الاقتصاد من غير رجعةٍ إلى نموٍّ زائفٍ. سقوط من غير رجعة. ...
جريدة ١٧ تشرين | العدد الخامس
صدر هذا العدد الأربعاء ١٠ حزيران ٢٠٢٠
من اللّحظة إلى “الزّمن الثّوريّ”
افتتاحية ١٧ تشرين – فاطمة فؤاد
يصدر العدد الخامس من “١٧ تشرين” بعد انقطاعٍ دام ثلاثة أشهر نتيجة قيام فرنسَبنك بحجز التّبرّعات المُخصّصة للجريدة كما حال الودائع الصّغيرة، ومحاولته عبثًا ابتزاز هيئة التّحرير عبر اشتراط التّستّر والكتمان مقابل تسليمها الأموال. عَمَد المصرف نفسه إلى اتّخاذ صفة الادّعاء الشّخصيّ ضدّ كلٍّ من المناضلَين “وضّاح غَنَوي” و”محمود مروّة” على إثر تفجيرٍ أمام فرعه الكائن في صيدا خلال نيسان الماضي، وقد حَفَل الأسبوع الأخير منه بأخبار البنوك المحترقة واجهتها في عدّة مناطق رغم قوانين التّعبئة العامّة التّعجيزيّة؛ إذ حرّر المنتفضون المولوتوف من الرّمزيّة الجامدة واستعادوه إلى حيّز الغضب الفعّال، ولو لبرهة. أمّا مدينة الفيحاء، فقد عرفَت آنذاك ذروة العنف بوجهيه الثّوريّ والسّلطويّ، ما أسفر عن استشهاد الشّابّ – المُفقَر منهجيًّا – فوّاز فؤاد السّمّان، أخي البالغ من العمر ٢٦ ربيعًا، برصاصةٍ حيّةٍ من الجيش اللّبنانيّ.
في محاولةٍ للتّفكّر بالعنف الثّوريّ وأبعاده خلال محطّات الانتفاضة، دون الغرق في تقديسه ورَمْنَقَطِتِه أو رفضه ونبذه مراعاةً لمبدإ السّلميّة المفرطة، تبدو العودة إلى فرانز فانون محتّمة، إنّما ضمن سياق واقعنا المُعاش وصراعنا مع “السّلطة الشّرعيّة”. يُمكن قراءة الأيّام الأولى ومن ثمّ المواجهات الدّامية مع قوى أمن الأوليغارشيّة وشبّيحة الأحزاب الطّائفيّة كما ليلتَي المصارف في بيروت وطرابلس وما تمظهر عنها من سلوكيّات عدوانيّة في حيّز “التّطهير أو التّنفيس الجماعيّ” (collective catharsis)؛ عند ارتكاب فعل العنف يشعر المتمرّد بالإنسانيّة الّتي يتشاركها مع حاكمه، ويكتشف أنّ لا قيمة جوهريّة للأخير تفوق قيمته ما يهزّ عالمه ووعيه بشكلٍ حيويّ، فيعيد إنتاج نفسه متحرّرًا من عقدة الدّونيّة وقيود الخوف واليأس والخمود، ويسمح له باستئناف وجوده الحرّ واستعادة إرادته. ويرى فانون في العنف الثّوريّ بعدًا علاجيًّا؛ فالمنتفضُ “يتطهّر” من آثار الحكم الجائر على نفسيّته. كثيرةِ هي المشاهد المبهرة الّتي طبعت ذاكرتنا وبسيكولوجيّتنا الجماعيّة خلال الانتفاضة، كسطو الفقراء من أبناء الفيحاء على متجرَي بوما وباتشي، والزّجاجات الحارقة المنهمرة على المصرف المركزيّ في صيدا، والبنوك المحطّمة في الحمرا وحلبا وتلك المشتعلة في طرابلس، وعناصر المكافحة المدجّجين بالعتاد الأميركيّ، هاربين من الحجارة والقنابل الغازيّة الفرنسيّة المرتدّة…
لكن، ليس بالعنف وحده يتحرّر الإنسان، إذ أنّ غياب الرّؤية السّياسية والاجتماعيّة والاقتصاديّة الواضحة ينتج المنظومة القمعيّة نفسها مع تبدّلٍ سطحيٍّ لأدوار السّلطة وموازين القوّة، ما يحيلنا إلى سؤال الانتفاضة الأبرز: الانتظام والإجابة عنه يستوجبان انخراطًا جماعيًّا للثّوريّين والثّوريّات في عمليّة بناء الواقع المغاير الجديد، ولا تقتصر على النّخبة المثقّفة، حتّى لا يُرمى بسواهم إلى هاوية الاغتراب السّياسيّ. إذًا، العنف الثّوريّ المجرّد، أو العنف لأجل العنف، رغم خفّته نوعيًّا ومحدوديّته كمّيًّا في الانتفاضة التّشرينيّة، لا يمكن أن يشكّل بديلًا بذاته، إنّما إيجاد المشروع الثّوريّ وحده يسوّغ العنف ويبرّره.
تبيّن المراجعة الواقعيّة لمسار الانتفاضة أنّ ما اختبرناه لا يتعدّى كونه “لحظةً ثوريّةً” قد تبدّدت بحكم الخمول الشّعبيّ خلال الشّهور الأخيرة، بعدما أرسَت القطيعة مع القناعة الخانعة وكرّست الرّفض كحالةٍ عامّة. ولا يصحّ ردّ أسبابه وحصرها بالحجر القسريّ حين ارتأت الحكومة التّكنوقراطيّة “دحر” فايروس كورونا بالعسكرة الشّاملة للبلاد. ففي التّورية استكمالٌ للنّهج المتكاسل القائم على اجترار المشهديّة الانتفاضيّة وابتذالها بالرّومنسيّة تارةً والفيتيشيّة طورًا. إنّما يمكن بناء “زمنٍ ثوريٍّ” على تلك اللّحظة، شرط الانعتاق من هوسة العجلة. فلا الهتافات الوحدويّة كفيلة بنفي الواقع الطّائفيّ المُمأسس وفكّ الارتباط المتين في العلاقات الزّبائنيّة بين الأحزاب والتّيارات اليمينيّة الرّجعيّة وبيئتها الحاضنة، ولا تكثّف الأزمات المعيشيّة وثقل وطأتها على كاهل الطّبقات الأكثر فقرًا وتلك الوسطى المنزلقة إلى قعر السّلم الاجتماعيّ بفعل الانهيار الاقتصاديّ-الاجتماعيّ الشّامل قادر على خلق الوعي الطّبقيّ المرتجى من العدم. ولكنّ الانتظام في جبهةٍ شعبيّةٍ شاملةٍ للأفراد والمجموعات السّياسيّة والأحزاب التّقدميّة اليساريّة في طول البلاد وعرضها وحده قادر على توظيف السّخط الجماهيريّ في العمليّة التّهديميّة للنّظام المهترئ والتّمهيديّة لدولتنا الاشتراكيّة المبتغاة.
رصّوا الصّفوف! رصّوا الصّفوف! درب النّضال طويل طويل…
مقالات

من اللّحظة إلى “الزّمن الثّوريّ”
تصوير نبيل اسماعيل افتتاحية ١٧ تشرين – فاطمة فؤاد يصدر العدد الخامس من “١٧ تشرين” بعد انقطاعٍ دام ثلاثة أشهر...

الكرامة ليست حلمًا
تصوير جاد غريب آدم شمس الدين عام ٢٠١٢ ومع اشتداد الأزمة الماليّة والمعيشيّة في اليونان، نظّمت فنّانةٌ يونانيّةٌ تدعى “دانا...

بين المسؤول والزّعيم: جدل السّلطة في لبنان
تصوير حسين بيضون د. أحمد الحلّانيّ في عالمنا العربيّ، تختلط المصطلحات وتتداخل إلى أن يتعذّر الفصل بينها، إلّا من حيث...

الدّولة المدنيّة… أو الخراب
عائلة الشهيد فؤاد السمّان – تصوير حسين بيضون مايا نعمة “أنتم أيّها السّياسيّون، آفة لبنان وبلاؤه وانحرافه ومرضه وكلّ مصيبة....

النّظام الطّائفيّ في لبنان، إلى أين؟
ساحة الشهداء خلال فترة التعبئة العامة | تصوير نبيل اسماعيل د. فؤاد سلامة يغرس النّظام الطّائفيّ اللّبنانيّ جذوره التّاريخيّة في...

الماضي حاضرٌ بقوّة
تصوير زكريا جابر هالة كوثراني لا أدّعي أنّ ذاكرتي قويّةٌ. وإذا تذكّرتُ خريطة العائلة الجينيّة، سكنني هوس التّذكّر والنّسيان. لا...

١٧ تشرين وراهنيّة شعار “كلن يعني كلن”
تصوير جاد غريّب علي مراد في لحظة الانهيار الكبير، تغدو اليوم محاولات إعادة إحياء الصّراع الدّاخليّ بين مكوّنات المنظومة إدانةً...

همّا مين واحنا مين
بدل الشمعة مولوتوف – تصوير نذير حلواني ربيع جميل لطالما كان طيف الثّنائيّ أحمد فؤاد نجم والشّيخ إمام حاضرًا في...

رحلة صندوق النّقد الدّوليّ
تصوير زكريا جابر رامي راجح “في البداية ستشعر بالقلق. ثمّ تنزعج. بعد ذلك ستغضب. ثمّ ستتقبّل الموضوع وتفاوض.” عندما سألت...

المُشرِكون… والعياذ به
تصوير حسين بيضون أحمد حلاوي لم يكن ينقص مجتمعنا إلّا هؤلاء. خرجوا إلينا بشركهم وأشهروا نواياهم وراحوا يدمّرون مجتمعنا؛ كأنّ...

السّلطة اللّامسوؤلة والطّلّاب اللّبنانيّين المغتربين
تصوير جاد غريّب تكتّل الطّلّاب اللّبنانيّين المغتربين وُلِدَ التّكتّل مِنبرًا للكثير من الطّلّاب اللّبنانيّين المغتربين، لكي يُعبّروا عن أوضاعهم وواقعهم...

التّضامن كلغة مشتركة جديدة
التّضامن كلغة مشتركة جديدة: خرائط، ألوان، بورن، وجوه وإشارات معماة من هونغ كونغ يانس شنغ – ترجمة كريستال الحاج هونغ...

ضدّ التطويع
مظاهرة في “بكهام هاي ستريت” ضد جريمة قتل جورج فلويد – تصوير ليام رزندي هيلاني قزان | ترجمة آية الرّاوي...

الموليّا والبعث دونت ميكس… يوتوبيا النّظام السّوريّ المتمخّضة من رحم الموسيقى الهابطة…
تصوير حسين بيضون بتول يزبك عندما تذهل تلك العين المادّيّة ذات القرنية المتقلّصة ذلك الخوف المتشظّي هنا وهناك والشّاخص للعيان...

موسيقى الصّور الشّمسيّة
تصوير جاد غريّب وجدي أبو دياب موسيقى تعلن بدء الحرب وتجعل من الجنود المساكين وحوشًا متعطّشةً للمعارك، موسيقى سيّئة المفعول...

الرّياضة في زمن الكورونا
احتفال “التباعد الاجتماعي” من لاعبي دورتموند قاسم نعمة قرابة ثلاثة مرّوا على توقّف جميع الأنشطة الرّياضيّة في العالم بسبب تفشّي...

مذبحة بورسعيد: عن الفاجعة الأكبر في تاريخ الكرة المصرية
محمود ضيا هل جرّبت يومًا أن يتحوّل مصدر سعادتك الأوّل إلى سبب حزنك الأبديّ؟ 1 فبراير 2012 تعيش دائمًا في...

قصائد العدد الخامس
تصوير جاد غريّب هذه المرّة د. فوزي يمّين بكلّ تهذيب وبكامل الحياء والخجل أعتقد أنّنا نستأهل الحياة حتّى لو كانت...